اول مرة (في المدرسة, في المطبخ, في العمل..........)

 لكل منا شعوره عندما يقوم بشيء للمرة الاولى , انا هنا لا اتحدث عن اول كلمة قلتها, او اول خطوة خطوتها , او حتى اول حذاء ارتديته , لانك كما تعلم  عزيزي القارئ كنت طفلا صغيرا جدا , وعلى الارجح لن تتذكر كل هذه اللحظات (الجميلة جدا بالنسبة لوالديك طبعا).

اعتقد ان الصورة تعبر عني عندما تمر بضعة سنوات واتحقق من كتابتي على هذه المدونة  (ههه)


انا اتحدث عن الامور التي قمنا بها عن ادراك تام  ولاول مرة , كاليوم الاول في المدرسة (واعتقد ان اغلبنا يذكره) , او اول مرة امسكنا فيها مقود السيارة وقدنا في الحي الذي نقطن فيه , او اول وصفة طعام قمنا بطبخها وبسببها سمعنا الثناء الكبير من الناس الذين تناولوا تلك الوجبة بفضلنا وبفضل مجهودنا (الذي لن اقول عنه انه مجهود كبير ) .


ولكن ماهي المرة الاولى التي قمتم بها بفعل امر يخصكم و يخص حياتكم وجعلكم تشعرون بالتوتر الشديد والحماس؟ ماهو ذلك الامر الذي اخذ النوم من عيونكم , ومنعكم من التنفس بشكل طبيعي؟ ماهو ذلك الامر الذي جعلكم اكثر ثقة  في انفسكم ؟ 

اذا تحدثت انا عن تجربتي فالحقيقة قد تكون غبية نوعا ما للبعض, او لا تستحق ان يكتب عنها اصلا, او يمكن القول ببساطة انها طفولية , ولكن من يهتم ساكتب عنها وفقط .............................

كنت بعمر 19 , طالبة جامعية , لم اعمل في حياتي سابقا , لم اخضع لتدريب مهني حتى, اجهل تماما كيف تكون هذه الامور وكيف تتحقق , سيرة ذاتية خالية , ليس بها اي خبرة , فقط شهادة بكالوريا , وجملة تفيد بانني طالبة جامعية , طبعا وبعض البيانات الشخصية المهمة  التي ملئت نصف الورقة على الاقل لحسن الحظ.

توجهت في الصباح الباكر لمقر احدى الجرائد , متوترة ومتحمسة وخائفة (لدرجة ان الابتسامة لم تختفي من على وجهي (ابتسم عند التوتر) ), سرت بخطة واثقة وثابتة نحو البناية , لم يكن هنالك مصعد كهربائي اضطررت لاستعمال السلالم , وكلما اتخطى درجا كلما قل الاوكسجين داخل رئتاي , وكانني اتسلق جبال الهمالايا (التي لم اجرب تسلقها بعد) , تزداد دقات قلبي في التسارع , وعند وصولي الى الباب اكتشف ان فمي خال تماما تماما من اللعاب , اول مرة فمي جاف تماما , تنفست جيدا محاولة ازالة كل علامات التوتر البادية على و ابتسمت ابتسامة عريضة (لمنع ظهور جفاف فمي الغير المعتاد), وقمت برن الجرس , فتحت لي امراة لطيفة و تبدو في الثلاثينيات من العمر تكلمنا وتناقشنا , وخرجت , كل شيء مر بسرعة لم اذكر ما قلت لها بالتحديد او ماذا هذيت ان صح القول.

 ثم قمت بالتحقق للمرة المليون  من وجود الاوكسجين بجسدي او عدمه , تنفست جيدا وادركت ان الامر لم يكن بذلك السوء ولا يستحقكل ذلك  التوتر (يعني على الاقل الان عرفت) .

بعد مرور وقت لا باس فيه , قاموا بالاتصال بي , وقبلوا ان اكون متدربة , و بفضل ذلك تم نشر اكثر من مقال كتبته على الجريدة و في اخر المقال يوجد توقيع باسمي , هل انا سعيدة؟ طبعا ان كذلك فطالبة مثلي لا تملك خبرة كبيرة تستطيع ان تنشر كتاباتها على احدى الصحف الوطنية يعتبر انجازا كبيرا بالنسبة لها .

"صحيح انها كانت المرة الاولى ولكن شعرت للحظة انها لن تنتهي اطلاقا "

اشعر انني ساكون خجلة كثيرا بعد مرور سنين عديدة على كتابتي هذا ونشره , (خاصة وان كنت ساصبح كاتبة جيدة
) وساضحك لا محالة , ولكنني الان انا اتبع مقولة :

"ليس عليك ان تكون رائعا لتبدا , ابدا لتكون رائعا " لا اعرف من قالها بالتحديد ولكنه احسن القول .


Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

الى امراة الترامواي ....

لماذا نقرا الرواية ؟